قيمـــة العمــل من وجـــة النظــر المسيحيــّة
قيمـــة العمــل من وجـــة النظــر المسيحيــّة
كان يسوع نجارا َ عمل ليعيش هو وأهله في مدينة الناصرة حتى الثلاثين من عمره
وكان بولس الرسول نســّاج خيـم وكان بطرس الرسول صيادا ً
فالعمل قانون البقاء والديمومة به ينتصر الأنسان على الطبيعة فيطوعها ويخضعها وبالعمل يحقق الأنسان ذاته فينمو ماديا ً وعقايا ً وروحيا ً وهو مسؤولية ومشاركة مع الله في عمل الخلق وتكريس للجهد البشري البنـّاء والعمل يوحــد الناس ويرفعهم وبالعمل تتقدم البلدان .. أنـّه ببساطة شرف الأنسان .
ولكن بينما ترى البعض يحقق أرباحاً وفيرة ترى آخرين لا يكادون يسدوا رمقهم من أعمالهم .هذا التفاوت يخلق مشاكل كثيرة أساسها في الغالب ألأنانية وألأستحواذ دون حساب لمصالح الأخرين .
يقضي الأنسان في العمل جزء اً كبيراً من حياته ولكن بفضل التقدم والتقنيات الحديثة أصبح لديه وقت فراغ أكبر فأكبر. ويلاحظ اليوم قيام توازن بين العمل والراحة أو وقت الفراغ في الدول المتقدمة .
لا يمكننا أن نفكر في النمو وألأزدهار ألا ّ أذا وضعنا مساحة للراحة فعندما يكون العمل ثقيلا ً ومتعبا ً وضاغطا ً يحط من قيمة الأنسان ويهدم صحته الجسمية ويحرم روحه من الأنتعاش أمـّا عندما يحب الأنسان عمله فأنه يتوصل الى تطوير قابلياته ويغدو العمل مصدر فرح ومسـّرة فكيف لا يسـّر المرء وهو يتباهى بعمل يديه ؟ وكيف لا يفرح وهو يرى تحقيق أفكاره وتغيير الحياة؟
يقول المزمور " الذين يزرعون بالدموع يحصدون يالتهليل , ينطلق باكيا ً وهو يحمل البذر يعود فيأتي مهللا ً وهو يحمل حزمه ُ " مز 126/4-6 .
كثيرون يعتبرون وقت الراحة وقت فراغ وما أكثر الذين يقضون ساعات يقتلون فيها وقتهم أليس هذا مؤسفا ً حقـا ً ؟ قد يكون وقت الراحة وقتا ً غنيا ً للأستراحة والأبداع . والراحة الحقيقية لا تجدد الطاقات للعمل ثانية ً فحسب بل لها قيمة بذاتها فلكل منا بحاجة لأن يكتشف المعنى الأيجابي للعطلة والأعياد لأننا لا نعيش من أجل العمل فقط هناك أمور أخرى في حياتنا تشغل حيزا كالسفر واللقاءات الأجتماعية والمطالعة والقيام بأعمال الخير
لكل هذه مكان في حياتنا كذلك أن لله مكانا ً في حياتنا فكم بالأحرى أن نهدي بعضا من وقتنا للأحتفال بالقربان المقدس في القداس الذي يجمع طاقاتنا وطاقات المؤمنين في " راحة الرب المقدس" يوم الأحد فنتمع كلنا أولاده اننتعش به سماعا ً وطعاما ً وننطلق الى بيتنا حاملين زو ّادة من الفرح والأمل .
والعمل بعد هذا وذاك وسيلة أما الغاية فهو الأنسان الساعي الى كمال دعوته والى خير المجتمع كله وعلى هذا الأساس بجب أن يظل الأنسان في عمله أنسانا ً موفور الكرامة والحرية والأرادة لا أن يصبح مجرد آلة تنفذ وتنتج ولا تدرك ألا مقدار أنتاجها فقيمة الأنسان في ذاته. وأذا كان العمل وسيلة لتحقيق الذات وتطوير المجتمع فيجب أن يتوفر للأنسان بطريقة عادلة تتناسب مع طاقاته وقدراته العقلية والجسدية وأن تضمن له أجور
العمل الموارد التي تسمح له ولعائلته بحياة لائقة .
ولكن العدالة لا يمكنها وحدها وأن ضُمنت أن تحقق تقارب النوايا ووحدة القلوب وانما هو عمل المحبة فلا يمكن أن يكون هناك تعاون وثيق الاّ متى توفر الأقتناع بأن الجميع هم أسرة واحدة وأبناء آب واحد هو الله وانهم أخوة يؤلفون جميعا ً بالميح جسدا ً واحدا ً. وعندئذ ٍ يشعر الغني بالفقير ورب العمل بالعامل
تحياتي
