ليش غربة العراقي صارت وطن
ليش غربة العراقي صارت وطن
بدا العراقيون يمتهنون الغربة شيئا فشيئا لتصبح بعد حين مهنتهم المفضلة ,فهم الغرباء في وطنهم والغرباء خارج حدوده, حتى أوشكت الغربة أن تحتل دواخل أنفسهم , فصار دبيب الحنين فيهم إلى وطن جريح تحاصره الحراب وتنهش جسده الغض المفخخات , ديدنهم اليومي الذي ينساب في نسخ حياتهم المستعارة في بلاد الهجرة , موزعين في بلاد الله نتفا وجماعات يأملون أن ينالوا من قسط العيش الأمن الكريم ما فقدوه
ولكن ومن نعم الله على أهلنا العراقيين ,أنهم يحملون من العشق للعراق ما يؤهلهم أن يكونوا له أبناء بررة يصونون حقوقه ويحفظون عهوده ويبروه ذممه ويحملون هويته بين جوانحهم ناصعة البياض وواضحة الصورة والمعالم ? فهم ألان يعتصرهم الأسى ويشدهم إلى ارض العراق حنين صقلته الغربة وحفت حواشيه الصعاب ، وأهلنا العراقيون ممن قست عليهم ظروفهم بعد أن أرهقهم الاصطبار على عتو أهل الغلة وأصحاب الأيادي الموبوءة.
بالغدر والملوثة بدم الأبرياء ,راحوا يبحثون عن ملذات أمنة تقيهم ولو لوقت قصير هجير هؤلاء الذين أباحوا لأنفسهم ترويع الآمنين وتقتيل واختطاف وتعذيب إخوانهم في الدين وفي الأرض.
ولو أسرج العراقيون لأيامهم المقبلات من سنوات عمرهم الضائع لما أوفوا حق هذا البلد الذي كان لهم (السداد واللحمة)وهم يعون قبل غيرهم إنهم بلا عراق معافى لن يكون لهم مستقبل ولا مصير معلوم وإنهم بلا عراق مستقل وحر ستتناهبهم الأطماع ويكونون لقمة سائغة بين أنياب الطامعين , وهم قبل سواهم أهل دراية وحكمة , لن يسلموا أمرهم للغربة لتنتهي بهم الحال أجانب عن وطنهم وأصحاب هويات غير عراقية.
صحيح إن الغربة جرح في ذاكرة العراقي المهاجر ,إلا أنها حافز للاستذكار ودليل على الحنين وحرقة الشوق لضم وتقبيل تراب العراق , فمع كل أغنية حزينة تهفو قلوب أبناء العراق للبكاء عند عتبة بابه , ومع كل آهة مواويل جنوبية لا تخلو عين عراقي مغترب من دمعة يحاصرها كبرياء الرجال ,إلا إنها تجد طريقها إلى الخدود التي شقت مرارات الزمن فيها أخاديد عميقة , ومع كل ذلك والعراقيون يلتصقون أكثر فأكثر بوطنهم الذي لن يستبدلوه بضياع العالم الزاهرة.
غربة العراق وطن , ووطن العراقي غربته التي سيهجرها بعد أن يصنع الأمن ويبني وطنه ومستقبله.
زينة المرء في علمه وحلمه
وضياع زينته في غضبه
وآفة العلم التباهي
~~~~~~~~~~~~~~
