النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: خواطر طفل عراقي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    PunK iZ NoT DEAD
    العمر
    32
    المشاركات
    1,315
    معدل تقييم المستوى
    35

    7 خواطر طفل عراقي

    خواطر طفل عراقي


    لا أذكر كثيراً عن بلدي , ولكنني متأكد من أنها جنة للخلد , فمنزل جدي في بغداد ينعش حياتي كلما جفت , ينعم بعبق ذكريات والدي التي لا ينقطع عن التحدث عنها , صوت المذياع صوت جدتي عند الفطور كل ذلك جنة بالنسبة له , وحلم بالنسبة لي , لطفل حرم من حق طبيعي في البقاء ببلده .


    لقد ولدت بالعراق , ومدينتي هي بغداد , لكن صدقني لا أذكرها بكل تفاصيلها , أذكر ثلاثة أشياء فقط , الأول هو قبل الحرب وهو العيد , ما زلت أذكره بشكل رائع ,أذكر الجميع , عندما كنا نجتمع في بيت جدي هنالك أعمامي وأولادهم وأولاد عمتي الذين أورثوني في كل عيد شق في رأسي , لكنهم وضعوا لي ذكرى في رأسي , ذكرى جميلة , ذكرى أن العيد جميل في العراق ,العيد جميل هنالك عند مدينة العاب .


    والذكرى الثانية هي صوت صفارات الإنذار , عندما تصرخ أمي باحثة عن الجميع , وتلمّنا إلى حضنها كالقطة التي تريد حماية أطفالها من هوارين الأحياء , أذكر صوتها وأحياناً بكاءها , وكثيراً صراخها.


    والذكرى الثالثة هي ذكرى خروجنا من بغداد , يومها كنت قد رجعت من المدرسة لأنصت لحديث والدي وبكاء أمي , لم أدرك الموقف بشكل صحيح , ولكنني استيقظت باليوم الثاني لأرى حقائبنا والأشياء الضرورية قد جمعت للرحيل , فرحنا كثيراً أنا وأخوتي لسفرنا وخلصنا من صوت الانذارات , فرحنا لأننا أعتقدنا أننا ذاهبون للاصطياف .
    كان صباحاً لا ينسى , أعلنت الشمس فيه احتلالها للسماء كما أعلنت أمريكا تحريرها للعراق , تجولنا في شوارع بغداد , وكانت أمي تبكي , وأبي ذلك الجبل الصارم ينظر بنظرات لم أدرك معناها حينئذ , ولكنني أدركه الآن بشكل جيد ,فالغربة جعلتني أدرك ما معنى الوطن , ومامعنى أن تهجر وطنك لذنب لم ترتكبه , لمجرد النفط الذي شرد طفولتي وذل عائلتي , وشرذم حياتي ...
    كم أكره الحدود التي عبرناها, أكرهها ككرهي لعدوي , أكرهها خصوصاً عندما بدأ أبي برجاء الشرطة أن يتركوا له تلك العلبة التي احتفظ بها منذ طفولته , كيف يدعوها له وقد أعجبتهم , وحقارتهم وعجرفتهم طغت على قلوبهم , أرادوا أن يأخذوها ولكن بالمال عند الحدود تحلحل كل المشاكل , هذه القاعده قد تعلمتها من تجوالنا وترحالنا من بلد لبلد .


    وبقي أبي محتفظ بتلك العلبة و كثر إمساكه لها وتأمله لصدفها الذي كان قد جمعه من الخليج في رحلة لا ينساها , , وكما لو أنها ابن له أو حفنة تراب , لكنها قد مثلت العراق في نظره .



    حياتي الآن بالغربة أسوأ من أي شيء في الحياة , أشعر باضطهاد الجميع من حولي , أصبحت إرهابي في نظر زملائي بالمدرسة , وكم من المرات بات الأولاد يستهزؤون من لهجتي التي لا يفهمون منها شيء , لكنني أحبها كثيراً , أحب كلمة شلونك أكثر من كلمة كيفك , أشعر بها بأنها من عراقي الذي يحاولون أن ينسوني إياه , أشعر بشلونك هي من صميم قلبي ليست رياء أو تصنيع أمريكي .
    أنا طفل في سن العاشرة وأحقد على كل الدول , أحقد عليهم وعلى تخاذلهم , كم من المرات شعرت أنهم هم سبب بلانا وتخاذلهم وتهاونهم هو سبب تشردي , وذلي في كل بقاع الأرض , وهم ينعمون بحياتهم وأنا أتجول بشوارع ليست شوارعي وببيوت ليست بيوتي ..
    حتى العيد , كم أكرهه الآن , وكم كنت أحبه . فعيدنا في هذه البلاد يتمثل بالمكوس في البيت طوال الوقت , فلا أقرباء لنا هنا ولا أحد نذهب له لنعايده. كم اشتاق إلى شق رأسي من قبل أولاد , كم أشتاق لمدينة الالعب التي كانت تنتهي بنا بضرب من أمي بعد تمزيق ثوب العيد أو توسيخه , ولكن هنا لا نملك سوى متابعة أخبار العراق وذل العراق وتشرد العراقيين , وبكاء الثكالى , والصمت المخزي , فعيدنا هو ثياب جديدة في هذه البلاد , وبكاء أمي وأخوتي على أيام بغداد , وعشقنا لبغداد , حتى أبي , حتى الجبل انصدع , وبات ضعيفاً ,كسير النفس , أبي وجبروته , أصبح الآن في هذه الغربة يسعى لجلب اللقمة التي تأوينا لليوم التالي , ويسعى لأن نبقى بالبيت خوفاً علينا من هذه البلاد التي أكرهها , خوفاً علينا من أولاد الحي ومن الغرباء .


    في كل ليلة , أغرق بأحلامي بالعودة للعراق , وإلى بيت جدي , أحلم بشوارع بغداد التي تجسدت بعقلي كحدائق بابل , جميعها جنان , أحلم باستقرار , وبأمان , أحلم بأن أستيقظ على صوت الأذان واجراس الكنائس , على صوت أبناء الحي ولهجتهم العراقية البحته , أحلم بأن أذهب للمدرسة والأطفال يقولون شلونج , أحلم بأن أستقر ببلدي وأقبل ترابك يا عراق ,وأروي ظمأي من دجلة الذي كلما غرفت منه زاد عطشي , أحلم بفرج الله ورحمته ,

    فهل هذا كثير على طفل ذنبه أنه عراقي
    ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    احدث المواضيع:


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    8,966
    معدل تقييم المستوى
    43

    افتراضي

    يدي الغالي
    حروفك مدهشه

    وكلماتك عانقت الشمس
    لترسم اجمل ابتسامه ابداع

    رقتك فاح عطرها وابداعك كانه
    حمامه بيضاء حلقت في سماء الذوق
    صياغه في غايه الروعه كانها حروف من ذهب
    كانها لوحه فنيه مرسومه بفرشاة فنان

    اتمنى من الله ان لا يجف نبض حروفك
    التي تروينا كل حين
    ننتظر جديد قلمك
    تحياتي


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    PunK iZ NoT DEAD
    العمر
    32
    المشاركات
    1,315
    معدل تقييم المستوى
    35

    افتراضي

    مشكور عالمرور الحلو

    منوره الموضوع بكلماتج
    اللي اجمل من الموضوع

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    العمر
    46
    المشاركات
    20
    معدل تقييم المستوى
    34

    افتراضي

    مشكور عيوني

    موضع راقي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    الدولة
    3r@q4@ll
    العمر
    36
    المشاركات
    1,541
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    الله يسلم الايد الي كتب
    الاصابع الي لزمت الكيبورد
    فعلا هذا حال ليس الطفل فقط
    وانما حال جميع

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    الـــعــراق
    العمر
    41
    المشاركات
    9,804
    المزاج
    Goofy
    معدل تقييم المستوى
    43

    افتراضي

    مشكوور حبي
    على الكلمات المؤثرة و المعبره
    و هذا حال جميع العراقيين
    الله يصبرنا و ان شاء الله نرجع للعراق الغالي
    تحياتي
    العميد نهاد العراقي

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •