رغد بسرعة التفتت إلى دانة و قالت :
" تتركاني وحدي ؟؟ "
قالت دانة :
" ما نصنع معك ؟؟ أنا بحاجة لبعض الهواء المنعش ... أما أن تأتي معنا أو ابقي مخنوقة وحدك "
وقفت رغد منفعلة و قالت :
" كان علي ّ أن أذهب معهما ... كم كنت غبية ... ليتني ألحق بهما الآن "
وقفت أنا و حاولت تهدئة الوضع فقلت :
" لا بأس ... سنؤجل نزهتنا لوقت لاحق ... لا تنزعجي هكذا صغيرتي "
رغد التفتت نحوي بعصبية و قالت صارخة :
" لا شأن لك أنت بي ... مفهوم ؟؟ لا تظن أنك أصبحت مسؤولا عني ... لا تزعج نفسك في تمثيل دور المعتني فهذا لم يعد يناسبك ... يا كذّاب "
اللهم استعنا بك على الشقاء !
ذهبت الصغيرة الغاضبة إلى غرفتها ... و بقيت مع دانة التي بدت مستاءة جدا من تصرف رغد ... اقترحت عليها بعد ذلك الجلوس في الفناء الخارجي فرحبت بالفكرة
خرجنا معا و جلسنا على المقاعد القريبة من الشجرة ... و بدأنا نتحدث عن أمور شتى ...
أخبرت دانة عن مزرعة صديق لي قمت بزيارتها مؤخرا و أعجبتني ... و عن متفرقات من حياتي ... ألا أنني لم أشر إلى السجن ، و لا ما يتعلق به ...
شقيقتي بدت متلهفة لمعرفة كل شيء عني ! و كأنها اكتشفت فجأة أن لديها شقيق يستحق الاهتمام و الفخر !
اعتقد أنها كانت تنظر إلي بإعجاب و فخر بالفعل !
بعد مدة حضرت رغد ...
كانت عيناها حمراوين ...
قالت :
" دانة ، مكالمة لك "
أجابت دانة :
" من ؟؟ "
قالت رغد :
" من غيره ؟ خطيبك المبجل "
دانة نهضت بسرور و استأذنت للدخول ...
و لحقت بها رغد بعد ثوان ، و بقيت وحيدا إلى أن سمعت ُ الآذان يرفع ...
دخلت ُ بعدها و استعددت للخروج لتأدية الصلاة في المسجد المجاور . كانت دانة في غرفتها أما رغد فأظنها في غرفة المعيشة !
خرجت إلى الفناء و فيما أنا أعبره نحو البوابة الخارجية سمعت صوت نافذة يفتح و نداء باسمي
" وليد "
التفت نحو الصوت فإذا بها رغد تطل من النافذة المشرفة على الفناء و تقول :
" إلى أين تذهب ؟؟ "
قلت :
" إلى المسجد "
قالت :
" ستتركنا وحدنا ؟؟ "
حرت في أمري !
قلت :
" هل هناك مشكلة ؟؟ سأصلي و أعود فورا ... تعالي و أوصدي البابين ... "
وافتني بعد قليل و وقفت عند البوابة و بيدها المفتاح .
قالت :
" لا تتأخر "
قلت :
" حسنا "
و عندما عدت بعد أداء الصلاة كانت هي من فتح الباب لي ...
قدّمت لي مفتاحين و قالت :
" هذا لبوابة السور و هذا للباب الداخلي ، احتفظ بهما "
" شكرا لك "
تولت رغد قاصدة دخول المنزل فناديتها
" رغد "
التفتت إلي ، و قالت بنفس ضائقة :
" نعم ؟؟ "
قلت :
" أما زلت ِ غاضبة مني ؟؟ كيف لي أن أكسب عفوك ؟؟ "
قالت :
" لا يفرق الأمر معي شيئا "
و همّت بالانصراف ، قلت :
" لكنه يفرق معي كثيرا "
توقفت و قالت :
" حقا ؟؟ "
" نعم بالتأكيد ... "
" هذا شأنك ... لا دخل لي به "
و انصرفت ...
الواضح أنني سألاقي وقتا عصيبا ... كان الله في عوني ...
بعد ساعات ، أعدت دانة مائدة العشاء و لم تشاركنا رغد فيه ... لقد مضت الليلة الأولى من ليالي تولي ّ مسؤولية هذا المنزل على هذه الحال ..
في الصباح التالي كنت أجلس مع دانة في المطبخ ، و رغد على ما يبدو لا تزال نائمة ...
قلت :
" أخبريني دانة ... كيف أقدم المساعدة ؟؟ فأنا أجهل الأمور المنزلية ! "
ضحكت دانة و قالت :
" لا تهتم ! أنا أستطيع تولي الأمور وحدي ! "
" أرغب في المساعدة فأنا بلا شاغل ! أخبريني فقط بما علي فعله ! "
و باشرت المساعدة في أعمال المنزل !
ليس الأمر سيئا كما قد يظنه البعض ، كما أنه ليس من تخصص النساء فقط !
كنت أرتب الأواني في أرففها الخاصة حين دخلت رغد إلى المطبخ ...
كانت دانة آنذاك تفتش في محتويات الثلاجة ...
قالت رغد :
" صباح الخير "
التفتنا لها و رددنا التحية . الحمد لله ، تبدو أكثر هدوءا هذا الصباح !
قالت دانة :
" تناولنا فطورنا قبلك ! "
قالت رغد :
" غير مهم "
قالت دانة و هي لا تزال تقلب بصرها في محتويات الثلاجة :
" إنني حائرة ما أطهو للغذاء اليوم !؟ ماذا تودان ؟؟ "
و نظرت باتجاهي ، فقلت :
" أي شيء ! كما يحلو لك "