تفسير ابن كثر - سورة الإسراء - الآية 101

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا (101) (الإسراء) mp3
يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ بَعَثَ مُوسَى بِتِسْعِ آيَات بَيِّنَات وَهِيَ الدَّلَائِل الْقَاطِعَة عَلَى صِحَّة نُبُوَّته وَصِدْقه فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَمَّنْ أَرْسَلَهُ إِلَى فِرْعَوْن وَهِيَ الْعَصَا وَالْيَد وَالسِّنِينَ وَالْبَحْر وَالطُّوفَان وَالْجَرَاد وَالْقُمَّل وَالضَّفَادِع وَالدَّم آيَات مُفَصَّلَات قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب : هِيَ الْيَد وَالْعَصَا وَالْخَمْس فِي الْأَعْرَاف وَالطَّمْس وَالْحَجَر وَقَالَ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَالشَّعْبِيّ وَقَتَادَة هِيَ يَده وَعَصَاهُ وَالسِّنِينَ وَنَقْص الثَّمَرَات وَالطُّوفَان وَالْجَرَاد وَالْقُمَّل وَالضَّفَادِع وَالدَّم وَهَذَا الْقَوْل ظَاهِر جَلِيّ حَسَن قَوِيّ وَجَعَلَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ السِّنِينَ وَنَقْص الثَّمَرَات وَاحِدَة وَعِنْده أَنَّ التَّاسِعَة هِيَ تَلَقُّف الْعَصَا مَا يَأْفِكُونَ " فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ " أَيْ وَمَعَ هَذِهِ الْآيَات وَمُشَاهَدَتهمْ لَهَا كَفَرُوا بِهَا وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسهمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا وَمَا نَجَعَتْ فِيهِمْ فَكَذَلِكَ لَوْ أَجَبْنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَأَلُوا مِنْك مَا سَأَلُوا وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِن لَك حَتَّى تَفْجُر لَنَا مِنْ الْأَرْض يَنْبُوعًا إِلَى آخِرهَا لَمَا اِسْتَجَابُوا وَلَا آمَنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاء اللَّه كَمَا قَالَ فِرْعَوْن لِمُوسَى وَقَدْ شَاهَدَ مِنْهُ مَا شَاهَدَ مِنْ هَذِهِ الْآيَات " إِنِّي لَأَظُنّك يَا مُوسَى مَسْحُورًا " قِيلَ بِمَعْنَى سَاحِر وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم فَهَذِهِ الْآيَات التِّسْع الَّتِي ذَكَرَهَا هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة هِيَ الْمُرَادَة هَاهُنَا وَهِيَ الْمَعْنِيَّة فِي قَوْله تَعَالَى " وَأَلْقِ عَصَاك فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزّ كَأَنَّهَا جَانّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّب يَا مُوسَى لَا تَخَفْ - إِلَى قَوْله فِي تِسْع آيَات - إِلَى فِرْعَوْن وَقَوْمه إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ " فَذَكَرَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ الْعَصَا وَالْيَد وَبَيَّنَ الْآيَات الْبَاقِيَات فِي سُورَة الْأَعْرَاف وَتَفَصُّلهَا وَقَدْ أُوتِيَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام آيَات أُخَر كَثِيرَة مِنْهَا ضَرْبه الْحَجَر بِالْعَصَا وَخُرُوج الْمَاء مِنْهُ وَمِنْهَا تَظْلِيلهمْ بِالْغَمَامِ وَإِنْزَال الْمَنّ وَالسَّلْوَى وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا أُوتُوهُ بَنُو إِسْرَائِيل بَعْد مُفَارَقَتهمْ بِلَاد مِصْر وَلَكِنْ ذَكَرَ هَاهُنَا التِّسْع آيَات الَّتِي شَاهَدَهَا فِرْعَوْن وَقَوْمه مِنْ أَهْل مِصْر فَكَانَتْ حُجَّة عَلَيْهِمْ فَخَالَفُوهَا وَعَانَدُوهَا كُفْرًا وَجُحُودًا فَأَمَّا الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن سَلَمَة يُحَدِّث عَنْ صَفْوَان بْن عَسَّال الْمُرَادِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ يَهُودِيّ لِصَاحِبِهِ : اِذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيّ حَتَّى نَسْأَلهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَات " وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْع آيَات بَيِّنَات " فَقَالَ لَا تَقُلْ لَهُ نَبِيّ فَإِنَّهُ لَوْ سَمِعَك لَصَارَتْ لَهُ أَرْبَع أَعْيُن فَسَأَلَاهُ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا تَسْحَرُوا وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَان لِيَقْتُلهُ وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَة - أَوْ قَالَ لَا تَفِرُّوا مِنْ الزَّحْف شُعْبَة الشَّاكّ - وَأَنْتُمْ يَا يَهُود عَلَيْكُمْ خَاصَّة أَنْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْت " فَقَبَّلَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَا نَشْهَد أَنَّك نَبِيّ قَالَ " فَمَا يَمْنَعكُمَا أَنْ تَتَّبِعَانِي ؟ " قَالَا لِأَنَّ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام دَعَا أَنْ لَا يَزَال مِنْ ذُرِّيَّته نَبِيّ وَإِنَّا نَخْشَى إِنْ أَسْلَمْنَا أَنْ تَقْتُلنَا يَهُود . فَهَذَا حَدِيث رَوَاهُ هَكَذَا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ وَابْن جَرِير فِي تَفْسِيره مِنْ طُرُق عَنْ شُعْبَة بْن الْحَجَّاج بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح . وَهُوَ حَدِيث مُشْكِل وَعَبْد اللَّه بْن سَلَمَة فِي حِفْظه شَيْء وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَلَعَلَّهُ اِشْتَبَهَ عَلَيْهِ التِّسْع الْآيَات بِالْعَشْرِ الْكَلِمَات فَإِنَّهَا وَصَايَا فِي التَّوْرَاة لَا تَعَلُّق لَهَا بِقِيَامِ الْحُجَّة عَلَى فِرْعَوْن وَاَللَّه أَعْلَم. وَلِهَذَا قَالَ مُوسَى لِفِرْعَوْن .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • كيف تطيل عمرك الإنتاجي؟

    كيف تطيل عمرك الإنتاجي؟ : يتناول هذا الكتاب باختصار معظم الأعمال الصالحة التي ثوابها يضيف لك عمراً إضافياً، ليكون عمرك الإنتاجي من الحسنات أكبر من عمرك الزمني. والكتاب بمثابة مجهر يكشف لأنظارنا أهمية جديدة للعديد من الأحاديث التي نقرأها ونمر عليها أحياناً مروراً دون تدبر. جعل الكتاب في ثلاثة فصول: - الفصل الأول: ويشتمل على: أهمية إطالة العمر ومفهومها. - الفصل الثاني: الأعمال المطيلة للأعمار وفيه أربعة مباحث: المبحث الأول: إطالة العمر بالأخلاق الفاضلة. المبحث الثاني: إطالة العمر بالأعمال ذات الأجور المضاعفة. المبحث الثالث: إطالة العمر بالأعمال الجاري ثوابها إلى ما بعد الممات. المبحث الرابع: إطالة العمر باستغلال الوقت. - الفصل الثالث: كيفية المحافظة على العمر الإنتاجي من الحسنات. وقد وثقت مسائل الكتاب بعزوها إلى مظانها من كتب العلم، وحرص عدم ذكر إلا الأحاديث الصحيحة أو الحسنة وتخريجها من مصادرها. تقديم: الشيخ صالح بن غانم السدلان - الشيخ عبد الرحيم بن إبراهيم الهاشم.

    الناشر: موقع صيد الفوائد www.saaid.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/291304

    التحميل:

  • فوائد مستنبطة من قصة لقمان الحكيم

    فوائد مستنبطة من قصة لقمان الحكيم: إن الوصايا الواردة في قصة لقمان تضمَّنت فوائد عظيمة; وتوجيهاتٍ كريمة; ولفتاتٍ مباركة، وقد جمع المؤلف - حفظه الله - ما يزيد على الخمسين فائدة من هذه القصة.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316775

    التحميل:

  • رجال ومناهج في الفقه الإسلامي [ الأئمة الأربعة ]

    رجال ومناهج في الفقه الإسلامي [ الأئمة الأربعة ]: تناول هذا الكتابُ بالدراسة والتحليل زوايا عديدة مما نحتاجه في فهم قضيةٍ من أهم القضايا المثارة؛ كالاجتهاد، والتقليد، والاتّباع، ونحوها من خلال الدراسة للأئمة الأربعة - رحمهم الله تعالى - في سيرتهم، وحياتهم الخاصة بما تفيض به من استقامةٍ وطُهْرٍ، ودورهم العلمي وما بذَلوا فيه من جهدٍ وما تركوا من تراث عظيم وأثر كريم. وجهادهم في سبيل الحق وصبرهم عليه، وبلائهم فيه، مع التركيز على قواعدهم في الاجتهاد، وأصولهم في الاستنباط ومناهجهم في الفتوى.

    الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت http://islam.gov.kw/cms

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/381057

    التحميل:

  • صفات الزوجة الصالحة

    صفات الزوجة الصالحة: كلماتٌ مختصرةٌ في ذكر صفات الزوجة الصالحة المأمول تطبيقها من نساء المسلمين; وهي مُوجَّهةٌ لكل ولي أمرٍ تحته بنات أو نساء; وكل بنتٍ لم تتزوَّج بعد; وكل امرأةٍ متزوِّجة حتى تتخلَّق بهذه الأخلاق; وتتحلَّى بتلك الصفات.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316842

    التحميل:

  • تيسير العلام شرح عمدة الأحكام

    تيسير العلام شرح عمدة الأحكام: هذا الكتاب يحتوي على نخبة منتقاة من أصحّ آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - اختارها المؤلف من صحيحي البخاري ومسلم، ورتبها على الأبواب الفقهية؛ لتكون عوناً على أخذ المسائل من أدلتها الصحيحة، ونظراً لأهمية الكتاب فقد قام فضيلة الشيخ عبد الله البسام - رحمه الله - ببشرحه شرحاً تميز بأسلوب سهل، قريب المأخذ، مفصل المواضيع، فتكلم أولاً على المعنى المجمل متحرياً مطابقة اللفظ، ومبيناً ما طوي تحت الألفاظ من حكمة وتشريع أو توطئة وتمهيد وغيره مما توحيه الجمل والألفاظ، وإذا احتاج المقام إلى توضيح من بعض طرق الحديث التي لم يورده المؤلف أجمله الشارح معه، منبهاً على ذلك، لتتم الفائدة، ويستقيم البحث، ثم يستخرج من الحديث ما يدل عليه من الأحكام والآداب، ثم يذكر ما قوي من خلاف العلماء، مع ذكر أدلتهم ومآخذهم، مع حرصه على بيان حكمة التشريع وجمال الإسلام وسمو أهدافه، وجليل مقاصده، من وراء هذه النصوص، ليقف القارئ على محاسن دينه وشريف أغراضه، ويعرف أنه دين ودولة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2098

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة