تفسير ابن كثر - سورة المائدة - الآية 35

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) (المائدة) mp3
يَقُول تَعَالَى آمِرًا عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِتَقْوَاهُ وَهِيَ إِذَا قُرِنَتْ بِطَاعَتِهِ كَانَ الْمُرَاد بِهَا الِانْكِفَاف عَنْ الْمَحَارِم وَتَرْك الْمَنْهِيَّات وَقَدْ قَالَ بَعْدهَا " وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة" قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ : عَنْ طَلْحَة عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْ الْقُرْبَة وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَأَبُو وَائِل وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَعَبْد اللَّه بْن كَثِير وَالسُّدِّيّ وَابْن زَيْد وَغَيْر وَاحِد وَقَالَ قَتَادَة أَيْ تَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ وَالْعَمَل بِمَا يُرْضِيه وَقَرَأَ اِبْن زَيْد " أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبّهمْ الْوَسِيلَة " وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة لَا خِلَاف بَيْن الْمُفَسِّرِينَ فِيهِ وَأَنْشَدَ عَلَيْهِ اِبْن جَرِير قَوْل الشَّاعِر : إِذَا غَفَلَ الْوَاشُونَ عُدْنَا لِوَصْلِنَا وَعَادَ التَّصَافِي بَيْنَنَا وَالْوَسَائِل وَالْوَسِيلَة هِيَ الَّتِي يُتَوَصَّل بِهَا إِلَى تَحْصِيل الْمَقْصُود وَالْوَسِيلَة أَيْضًا عَلَمٌ عَلَى أَعْلَى مَنْزِلَة فِي الْجَنَّة وَهِيَ مَنْزِلَة رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَاره فِي الْجَنَّة وَهِيَ أَقْرَبُ أَمْكِنَة الْجَنَّة إِلَى الْعَرْش وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَالَ حِين يَسْمَع النِّدَاء اللَّهُمَّ رَبّ هَذِهِ الدَّعْوَة التَّامَّة وَالصَّلَاة الْقَائِمَة آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَة وَالْفَضِيلَة وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته إِلَّا حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ يَوْم الْقِيَامَة " " حَدِيث آخَر " فِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ حَدِيث كَعْب عَنْ عَلْقَمَة عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر عَنْ عَبْد اللَّه سَمِعَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول : " إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّن فَقُولُوا مِثْل مَا يَقُول ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاة صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا لِي الْوَسِيلَة فَإِنَّهَا مَنْزِلَة فِي الْجَنَّة لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُون أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَة حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَة " " حَدِيث آخَر " قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا سُفْيَان عَنْ لَيْث عَنْ كَعْب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَسَلُوا لِيَ الْوَسِيلَة" قِيلَ : يَا رَسُول اللَّه وَمَا الْوَسِيلَة ؟ قَالَ : " أَعْلَى دَرَجَة فِي الْجَنَّة لَا يَنَالهَا إِلَّا رَجُل وَاحِد وَأَرْجُو أَنْ أَكُون أَنَا هُوَ " وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ بُنْدَار عَنْ أَبِي عَاصِم عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم عَنْ كَعْب قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَة بِهِ ثُمَّ قَالَ : غَرِيب وَكَعْب لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ لَا نَعْرِف أَحَدًا رَوَى عَنْهُ غَيْر لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم . " حَدِيث آخَر " عَنْ أَبِي هُرَيْرَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - قَالَ : أَبُو بَكْر بْن مَرْدُوَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْد الْبَاقِي بْن قَانِع حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن نَصْر التِّرْمِذِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن صَالِح حَدَّثَنَا اِبْن شِهَاب عَنْ لَيْث عَنْ الْمُعَلَّى عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ قَالَ : " صَلُّوا عَلَيَّ صَلَاتكُمْ وَسَلُوا اللَّه لِيَ الْوَسِيلَة فَسَأَلُوهُ أَوْ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَسِيلَة دَرَجَة فِي الْجَنَّة لَيْسَ يَنَالهَا إِلَّا رَجُل وَاحِد وَأَرْجُو أَنْ أَكُون أَنَا ". " حَدِيث آخَر " قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ : أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ الْأَبَّار حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِك الْحَرَّانِيّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْن أَعْيَنَ عَنْ اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :" سَلُوا اللَّه لِيَ الْوَسِيلَة لِأَنَّهُ لَمْ يَسْأَلهَا لِي عَبْد فِي الدُّنْيَا إِلَّا كُنْت لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا يَوْم الْقِيَامَة" ثُمَّ قَالَ الطَّبَرَانِيّ : لَمْ يَرْوِهِ عَنْ اِبْن أَبِي ذِئْب إِلَّا مُوسَى بْن أَعْيَنَ كَذَا قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن مَرْدُوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن دُحَيْم حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه مُوسَى حَدَّثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَطَاء فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوه. " حَدِيث آخَر " رَوَى اِبْن مَرْدُوَيْهِ بِإِسْنَادَيْهِ عَنْ عُمَارَة بْن غَزِيَّة عَنْ مُوسَى بْن وَرْدَان أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيّ يَقُول قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّ الْوَسِيلَة دَرَجَة عِنْد اللَّه لَيْسَ فَوْقهَا دَرَجَة فَسَلُوا اللَّه أَنْ يُؤْتِينِي الْوَسِيلَة عَلَى خَلْقه . " حَدِيث آخَر " رَوَى اِبْن مَرْدُوَيْهِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ عَبْد الْحَمِيد بْن بَحْر حَدَّثَنَا شَرِيك عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ الْحَارِث عَنْ عَلِيّ عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " فِي الْجَنَّة دَرَجَة تُدْعَى الْوَسِيلَة فَإِذَا سَأَلْتُمْ اللَّه فَسَلُوا لِيَ الْوَسِيلَة قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه مَنْ يَسْكُن مَعَك قَالَ : عَلِيّ وَفَاطِمَة وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن " هَذَا حَدِيث غَرِيب مُنْكَر مِنْ هَذَا الْوَجْه وَقَالَ : اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن حَدَّثَنَا الْحَسَن الدَّشْتَكِيّ حَدَّثَنَا أَبُو زُهَيْر حَدَّثَنَا سَعِيد بْن طَرِيف عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الْأَزْدِيّ مَوْلَى سَالِم بْن ثَوْبَان قَالَ : سَمِعْت عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب يُنَادِي عَلَى مِنْبَر الْكُوفَة : يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ فِي الْجَنَّة لُؤْلُؤَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا بَيْضَاء وَالْأُخْرَى صَفْرَاء أَمَّا الصَّفْرَاء فَإِنَّهَا إِلَى بُطْنَانِ الْعَرْشِ وَالْمَقَام الْمَحْمُود مِنْ اللُّؤْلُؤَة الْبَيْضَاء سَبْعُونَ أَلْف غُرْفَة كُلّ بَيْت مِنْهَا ثَلَاثَة أَمْيَال وَغُرَفهَا وَأَبْوَابهَا وَأَسِرَّتهَا وَسُكَّانهَا مِنْ عِرْق وَاحِد وَاسْمهَا الْوَسِيلَة لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَهْل بَيْته وَالصَّفْرَاء فِيهَا مِثْل ذَلِكَ هِيَ لِإِبْرَاهِيم - عَلَيْهِ السَّلَام - وَأَهْل بَيْته. وَهَذَا أَثَر غَرِيب أَيْضًا وَقَوْله " وَجَاهِدُوا فِي سَبِيله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " لَمَّا أَمَرَهُمْ بِتَرْكِ الْمَحَارِم وَفِعْل الطَّاعَات أَمَرَهُمْ بِقِتَالِ الْأَعْدَاء مِنْ الْكُفَّار وَالْمُشْرِكِينَ الْخَارِجِينَ عَنْ الطَّرِيق الْمُسْتَقِيم وَالتَّارِكِينَ لِلدِّينِ الْقَوِيم وَرَغَّبَهُمْ فِي ذَلِكَ بِاَلَّذِي أَعَدَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيله يَوْم الْقِيَامَة : مِنْ الْفَلَاح وَالسَّعَادَة الْعَظِيمَة الْخَالِدَة الْمُسْتَمِرَّة الَّتِي لَا تَبِيد وَلَا تُحَوَّل وَلَا تَزُول فِي الْغُرَف الْعَالِيَة الرَّفِيعَة الْآمِنَة الْحَسَنَة مَنَاظِرُهَا الطَّيِّبَة مَسَاكِنهَا الَّتِي مَنْ سَكَنَهَا يُنَعَّم لَا يَيْأَس وَيَحْيَا لَا يَمُوت لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ.
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • رقية الأبرار [ رقية قرآنية من العين والحسد والسحر ]

    رقية الأبرار [ رقية قرآنية من العين والحسد والسحر ]. - قدم لها : فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - حفظه الله -.

    الناشر: مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان - شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/166701

    التحميل:

  • تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن

    تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن: تفسير لسورة الفاتحة؛ لأنها أعظم سورة في القرآن، ولأن المصلي يقرأ بها في الصلاة، وهذه السورة جمعت أنواع التوحيد، ولا سيما توحيد العبادة الذي خلق الله العالم لأجله، وأرسل الرسل لتحقيقه.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1893

    التحميل:

  • أريد أن أتوب .. ولكن!

    أريد أن أتوب ولكن!: تحتوي هذه الرسالة على مقدمة عن خطورة الاستهانة بالذنوب فشرحاً لشروط التوبة، ثم علاجات نفسية، وفتاوى للتائبين مدعمة بالأدلة من القرآن الكريم والسنة، وكلام أهل العلم وخاتمة.

    الناشر: موقع الإسلام سؤال وجواب http://www.islamqa.info

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/63354

    التحميل:

  • الأخلاق والسير في مداواة النفوس

    الأخلاق والسير في مداواة النفوس : بيان بعض المعاني مثل: العلم، المحبة وأونواعها، مداواة النفوس، العقل والراحة ... إلخ

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141366

    التحميل:

  • الأذكار النووية [ حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار ]

    الأذكار النووية : في هذه الصفحة نسخة الكترونية مفهرسة، تتميز بسهولة التصفح والوصول إلى المعلومة من كتاب الأذكار النووية المسمى: « حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار المستحبة بالليل والنهار »، وقد تميّز هذا السفر المبارك بانتشاره الواسع في آفاق الدنيا حتى لا يكاد يخلو بيت مسلم منه، فضلاً عن طالب علمٍ، وهو الذي قيل فيه: ( بعِ الدار واشترِ الأذكار ). فإن قارئه يجد فيه من الفوائد الكثير الطيب المبارك مع غاية التحقيق والإتقان؛ فإنه قد حوى: العقيدة والفقه والحديث والسلوك وغير ذلك، كل ذلك مع التحري والضبط، وحسن العرض، ووضوح العبارة. وقد جمع فيه ثلاث مئةٍ وستة وخمسين باباً، ابتدأ فيه بالذكر، وختم ذلك بالاستغفار. وقد خدمه كبار العلماء، كالحافظ ابن حجر العسقلاني في « أماليه »، وشرحه الحافظ ابن علان المكي بـ « الفتوحات الربانية »، ولخصه السيوطي في « أذكار الأذكار » وشرحه، وللشهاب الرملي أيضاً « مختصر الأذكار ». • نبشر الزوار الكرام بأنه قد تم ترجمة الكتاب إلى عدة لغات عالمية وقد أضفنا بعضاً منها في موقعنا islamhouse.com

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2431

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة