تفسير ابن كثر - سورة هود - الآية 81

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) (هود) mp3
قَالُوا " يَا لُوط إِنَّا رُسُل رَبّك لَنْ يَصِلُوا إِلَيْك " وَأَمَرُوهُ أَنْ يَسْرِي بِأَهْلِهِ مِنْ آخِر اللَّيْل وَأَنْ يَتَّبِع أَدْبَارهمْ أَيْ يَكُون سَاقَة لِأَهْلِهِ" وَلَا يَلْتَفِت مِنْكُمْ أَحَد " أَيْ إِذَا سَمِعْت مَا نَزَلَ بِهِمْ وَلَا تَهُولَنكُمْ تِلْكَ الْأَصْوَات الْمُزْعِجَة وَلَكِنْ اِسْتَمِرُّوا ذَاهِبِينَ " إِلَّا اِمْرَأَتك " قَالَ الْأَكْثَرُونَ هُوَ اِسْتِثْنَاء مِنْ الْمُثْبَت وَهُوَ قَوْله " فَأَسْرِ بِأَهْلِك تَقْدِيره " إِلَّا اِمْرَأَتك " وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا اِبْن مَسْعُود وَنَصَبَ هَؤُلَاءِ اِمْرَأَتك لِأَنَّهُ مُثْبَت فَوَجَبَ نَصْبه عِنْدهمْ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ الْقُرَّاء وَالنُّحَاة هُوَ اِسْتِثْنَاء مِنْ قَوْله " وَلَا يَلْتَفِت مِنْكُمْ أَحَد إِلَّا اِمْرَأَتك " فَجَوَّزُوا الرَّفْع وَالنَّصْب وَذَكَرَ هَؤُلَاءِ أَنَّهَا خَرَجَتْ مَعَهُمْ وَأَنَّهَا لَمَّا سَمِعَتْ الْوَجْبَة اِلْتَفَتَتْ وَقَالَتْ : وَاقَوْمَاه فَجَاءَهَا حَجَر مِنْ السَّمَاء فَقَتَلَهَا ثُمَّ قَرَّبُوا لَهُ هَلَاك قَوْمه تَبْشِيرًا لَهُ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ أَهْلِكُوهُمْ السَّاعَة فَقَالُوا" إِنَّ مَوْعِدَهُمْ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ " . هَذَا وَقَوْم لُوط وُقُوف عَلَى الْبَاب عُكُوف قَدْ جَاءُوا يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلّ جَانِب وَلُوط وَاقِف عَلَى الْبَاب يُدَافِعهُمْ وَيَرْدَعُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ وَهُمْ لَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ بَلْ يَتَوَعَّدُونَهُ وَيَتَهَدَّدُونَهُ فَعِنْد ذَلِكَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَضَرَبَ وُجُوههمْ بِجَنَاحِهِ فَطَمَسَ أَعْيُنهمْ فَرَجَعُوا وَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ الطَّرِيق كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُر " الْآيَة وَقَالَ مَعْمَر عَنْ قَتَادَة عَنْ حُذَيْفَة بْن الْيَمَان قَالَ : كَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يَأْتِي قَوْم لُوط فَيَقُول أَنْهَاكُمْ اللَّه أَنْ تَعْرِضُوا لِعُقُوبَتِهِ فَلَمْ يُطِيعُوهُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكِتَاب أَجَله اِنْتَهَتْ الْمَلَائِكَة إِلَى لُوط وَهُوَ يَعْمَل فِي أَرْض لَهُ فَدَعَاهُمْ إِلَى الضِّيَافَة فَقَالُوا إِنَّا ضُيُوفك اللَّيْلَة وَكَانَ اللَّه قَدْ عَهِدَ إِلَى جِبْرِيل أَلَّا يُعَذِّبهُمْ حَتَّى يَشْهَد عَلَيْهِمْ لُوط ثَلَاث شَهَادَات فَلَمَّا تَوَجَّهَ بِهِمْ لُوط إِلَى الضِّيَافَة ذَكَرَ مَا يَعْمَل قَوْمه مِنْ الشَّرّ فَمَشَى مَعَهُمْ سَاعَة ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَل أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة ؟ مَا أَعْلَم عَلَى وَجْه الْأَرْض شَرًّا مِنْهُمْ أَيْنَ أَذْهَب بِكُمْ ؟ إِلَى قَوْمِي وَهُمْ أَشَرّ خَلْق اللَّه ؟ فَالْتَفَتَ جِبْرِيل إِلَى الْمَلَائِكَة فَقَالَ اِحْفَظُوهَا هَذِهِ وَاحِدَة ثُمَّ مَشَى مَعَهُمْ سَاعَة فَلَمَّا تَوَسَّطَ الْقَرْيَة وَأَشْفَقَ عَلَيْهِمْ وَاسْتَحْيَا مِنْهُمْ قَالَ : أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَل أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة ؟ مَا أَعْلَم عَلَى وَجْه الْأَرْض أَشَرّ مِنْهُمْ إِنَّ قَوْمِي أَشَرّ خَلْق اللَّه فَالْتَفَتَ جِبْرِيل إِلَى الْمَلَائِكَة فَقَالَ : اِحْفَظُوهَا هَاتَانِ اِثْنَتَانِ فَلَمَّا اِنْتَهَى إِلَى بَاب الدَّار بَكَى حَيَاء مِنْهُمْ وَشَفَقَة عَلَيْهِمْ فَقَالَ : إِنَّ قَوْمِي أَشَرّ خَلْق اللَّه ؟ أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَل أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة ؟ مَا أَعْلَم عَلَى وَجْه الْأَرْض أَهْل قَرْيَة شَرًّا مِنْهُمْ فَقَالَ جِبْرِيل لِلْمَلَائِكَةِ اِحْفَظُوا هَذِهِ ثَلَاث قَدْ حَقَّ الْعَذَاب فَلَمَّا دَخَلُوا ذَهَبَتْ عَجُوزه عَجُوز السُّوء فَصَعِدَتْ فَلَوَّحَتْ بِثَوْبِهَا فَأَتَاهَا الْفُسَّاق يُهْرَعُونَ سِرَاعًا قَالُوا مَا عِنْدك ؟ قَالَتْ ضَيَّفَ لُوط قَوْمًا مَا رَأَيْت قَطُّ أَحْسَن وُجُوهًا مِنْهُمْ وَلَا أَطْيَب رِيحًا مِنْهُمْ فَهَرَعُوا يُسَارِعُونَ إِلَى الْبَاب فَعَالَجَهُمْ لُوط عَلَى الْبَاب فَدَافَعُوهُ طَوِيلًا وَهُوَ دَاخِل وَهُمْ خَارِج يُنَاشِدهُمْ اللَّه وَيَقُول " هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَر لَكُمْ " فَقَامَ الْمَلَك فَلَزَّ بِالْبَابِ - يَقُول فَشَدَّهُ - وَاسْتَأْذَنَ جِبْرِيل فِي عُقُوبَتهمْ فَأَذِنَ اللَّه لَهُ فَقَامَ فِي الصُّورَة الَّتِي يَكُون فِيهَا فِي السَّمَاء فَنَشَرَ جَنَاحه - وَلِجِبْرِيل جَنَاحَانِ - وَعَلَيْهِ وِشَاح مِنْ دُرّ مَنْظُوم وَهُوَ بَرَّاق الثَّنَايَا أَجْلَى الْجَبِين وَرَأْسه حُبُك حُبُك مِثْل الْمَرْجَانِ وَهُوَ اللُّؤْلُؤ كَأَنَّهُ الثَّلْج وَرِجْلَاهُ إِلَى الْخُضْرَة فَقَالَ يَا لُوط " إِنَّا رُسُل رَبّك لَنْ يَصِلُوا إِلَيْك " اِمْضِ يَا لُوط عَنْ الْبَاب وَدَعْنِي وَإِيَّاهُمْ فَتَنَحَّى لُوط عَنْ الْبَاب فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَنَشَرَ جَنَاحه فَضَرَبَ بِهِ وُجُوههمْ ضَرْبَة شَدَخَ أَعْيُنهمْ فَصَارُوا عُمْيًا لَا يَعْرِفُونَ الطَّرِيق ثُمَّ أُمِرَ لُوط فَاحْتُمِلَ بِأَهْلِهِ فِي لَيْلَته قَالَ " فَأَسْرِ بِأَهْلِك بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْل" وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ نَحْو هَذَا.
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • القول المفيد على كتاب التوحيد

    القول المفيد على كتاب التوحيد : هذا شرح مبارك على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -, قام بشرحه الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -, وأصل هذا الشرح دروس أملاها الشيخ في الجامع الكبير بمدينة عنيزة بالسعودية, فقام طلبة الشيخ ومحبيه بتفريغ هذه الأشرطة وكتابتها؛ فلما رأى الشيخ حرص الطلبة عليها قام بأخذ هذا المكتوب وتهذيبه والزيادة عليه ثم خرج بهذا الشكل . وعلى كثرة ما للكتاب من شروح إلا أن هذا الشرح يتميز بعدة ميزات تجعل له المكانة العالية بين شروح الكتاب؛ فالشرح يجمع بين البسط وسهولة الأسلوب وسلاسته, كما أنه أولى مسائل كتاب التوحيد عناية بالشرح والربط والتدليل, وهذا الأمر مما أغفله كثير من شراح الكتاب, كما أن هذا الشرح تميز بكون مؤلفه اعتنى فيه بالتقسيم والتفريع لمسائل الكتاب مما له أكبر الأثر في ضبط مسائله, كما أن مؤلفه لم يهمل المسائل العصرية والكلام عليها وربطه لقضايا العقيدة بواقع الناس الذي يعشيه, ويظهر كذلك اعتناء المؤلف بمسائل اللغة والنحو خاصة عند تفسيره للآيات التي يسوقها المصنف, وغير ذلك من فوائد يجدها القارئ في أثناء هذا الشرح المبارك. - وفي هذه الصفحة نسخة مصورة من هذا الكتاب من إصدار دار العاصمة.

    الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع بالرياض

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/233627

    التحميل:

  • دروس في شرح نواقض الإسلام

    اعلم أيها المسلم أن الله - سبحانه وتعالى - أوجب على جميع العباد الدخول في الإسلام والتمسك به والحذر مما يخالفه، وبعث نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - للدعوة إلى ذلك، وأخبر - عز وجل - أن من اتبعه فقد اهتدى، ومن أعرض عنه فقد ضل، وحذر في آيات كثيرات من أسباب الردة، وسائر أنواع الشرك والكفر، وذكر العلماء رحمهم الله في باب حكم المرتد أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله، ويكون بها خارجا من الإسلام، وقد قام فضيلة الشيخ الفوزان - حفظه الله - بشرح رسالة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - والتي بين فيها بعض هذه النواقض.

    الناشر: مكتبة الرشد بالمملكة العربية السعودية

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/314803

    التحميل:

  • نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع

    نقد القومية العربية : رسالة لطيفة للعلامة ابن باز - رحمه الله - بين فيها بطلان دعوة من يدعو إلى القومية العربية، وذلك من عدة وجوه.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/102357

    التحميل:

  • مكانة الدعوة إلى الله وأسس دعوة غير المسلمين

    مكانة الدعوة إلى الله وأسس دعوة غير المسلمين: كتابٌ بيَّن فيه المؤلف - حفظه الله - أهمية الدعوة إلى الله تعالى; ومكانتها; والأسس والضوابط التي ينبغي أن يسير عليها الدعاة في دعوتهم غير المسلمين إلى الإسلام.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316783

    التحميل:

  • ولو بشق تمرة

    ولو بشق تمرة: قال المصنف - حفظه الله -: «فقد فتح الله علينا أبواب جوده وكرمه، فدرَّ الضرع، وكثر الزرع، وأخرجت الأرض كنوزها، ففاضت الأموال بأيدي الناس، وأصبحوا في رغد عيش وبحبوحة من الرزق. ورغم هذه العطايا العظيمة والنعم الجسيمة إلا أن البعض نفسه شحيحة ويده مقبوضة. فأحببت أن أذكر بفضل الصدقة وأثرها في الدنيا والآخرة، مستهديا بقول الله عز وجل، ومستنيرًا بحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومذكرًا بأفعال السلف الصالح. وهذا هو الجزء السادس عشر من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟» تحت عنوان : «ولو بشق تمرة» فيه من الآيات والأحاديث وأطايب الكلام ما يحث على صدقة التطوع ويرغب فيها، فلا أرى أسعد منا حالاً ولا أطيب منا عيشًا في هذا الزمن الذي استرعانا الله فيه أمانة هذه الخيرات لينظر كيف نصنع».

    الناشر: دار القاسم

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/345923

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة