تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 220

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۗ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220) (البقرة) mp3
وَقَوْله " كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَات لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة" أَيْ كَمَا فَصَّلَ لَكُمْ هَذِهِ الْأَحْكَام وَبَيَّنَهَا وَأَوْضَحَهَا كَذَلِكَ يُبَيِّن لَكُمْ سَائِر الْآيَات فِي أَحْكَامه وَوَعْده وَوَعِيده لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة . قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس يَعْنِي فِي زَوَال الدُّنْيَا وَفِنَائِهَا وَإِقْبَال الْآخِرَة وَبَقَائِهَا . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد الطَّنَافِسِيّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَة عَنْ الصَّعْق التَّمِيمِيّ قَالَ : شَهِدْت الْحَسَن وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَة مِنْ الْبَقَرَة " لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة " قَالَ هِيَ وَاَللَّه لَمِنْ تَفَكَّرَ فِيهَا لِيَعْلَم أَنَّ الدُّنْيَا دَار بَلَاء ثُمَّ دَار فِنَاء وَلِيَعْلَم أَنَّ الْآخِرَة دَار جَزَاء ثُمَّ دَار بَقَاء وَهَكَذَا قَالَ قَتَادَة وَابْن جُرَيْج وَغَيْرهمَا . وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَة : لِتَعْلَمُوا فَضْل الْآخِرَة عَلَى الدُّنْيَا . وَفِي رِوَايَة عَنْ قَتَادَة فَآثِرُوا الْآخِرَة عَلَى الْأُولَى . وَقَوْله" يَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ " الْآيَة . قَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع حَدَّثَنَا جَرِير عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ " وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن " وَ " إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا " اِنْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْده يَتِيم فَعَزَلَ طَعَامه مِنْ طَعَامه وَشَرَابه مِنْ شَرَابه فَجَعَلَ يَفْضُل لَهُ الشَّيْء مِنْ طَعَامه فَيَحْبِس لَهُ حَتَّى يَأْكُلهُ أَوْ يَفْسُد فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ اللَّه " وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْر وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ " فَخَلَطُوا طَعَامهمْ بِطَعَامِهِمْ وَشَرَابهمْ بِشَرَابِهِمْ . وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أَبِي حَاتِم وَابْن مَرْدَوَيْهِ وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ طُرُق عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب بِهِ . وَكَذَا رَوَاهُ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس وَكَذَا رَوَاهُ السُّدِّيّ عَنْ أَبِي مَالِك وَعَنْ أَبِي صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس وَعَنْ مُرَّة عَنْ اِبْن مَسْعُود بِمِثْلِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ غَيْر وَاحِد فِي سَبَب نُزُول هَذِهِ الْآيَة كَمُجَاهِدٍ وَعَطَاء وَالشَّعْبِيّ وَابْن أَبِي لَيْلَى وَقَتَادَة وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف قَالَ وَكِيع بْن الْجَرَّاح : حَدَّثَنَا هِشَام صَاحِب الدَّسْتُوَائِيّ عَنْ حَمَّاد عَنْ إِبْرَاهِيم قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ يَكُون مَال الْيَتِيم عِنْدِي عَلَى حِدَة حَتَّى أَخْلِط طَعَامه بِطَعَامِي وَشَرَابه بِشَرَابِي فَقَوْله " قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْر " أَيْ عَلَى حِدَة" وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ " أَيْ وَإِنْ خَلَطْتُمْ طَعَامكُمْ بِطَعَامِهِمْ وَشَرَابكُمْ بِشَرَابِهِمْ فَلَا بَأْس عَلَيْكُمْ لِأَنَّهُمْ إِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَلِهَذَا قَالَ " وَاَللَّه يَعْلَم الْمُفْسِد مِنْ الْمُصْلِح " أَيْ يَعْلَم مَنْ قَصْدُهُ وَنِيَّتُهُ الْإِفْسَادُ أَوْ الْإِصْلَاحُ وَقَوْله " وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " أَيْ وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَضَيَّقَ عَلَيْكُمْ وَأَحْرَجَكُمْ وَلَكِنَّهُ وَسَّعَ عَلَيْكُمْ وَخَفَّفَ عَنْكُمْ وَأَبَاحَ لَكُمْ مُخَالَطَتهمْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن . قَالَ تَعَالَى " وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن " بَلْ جَوَّزَ الْأَكْل مِنْهُ لِلْفَقِيرِ بِالْمَعْرُوفِ إِمَّا بِشَرْطِ ضَمَان الْبَدَل لِمَنْ أَيْسَر أَوْ مَجَّانًا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه فِي سُورَة النِّسَاء إِنْ شَاءَ اللَّه وَبِهِ الثِّقَة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الحصن الواقي

    الحصن الواقي: كتاب يتحدث عن الدعوات والأذكار والأعمال المحصنة وآثارها المجربة. - من مباحث الكتاب: • أمثلة من الدعوات والأذكار والأعمال المحصنة وآثارها المجربة: - سور من القرآن لعلاج لدغ ذوات السموم، والجنون، والأورام والآلام ، وأخرى تحفظك من الجان وعين الإنسان. - آيات من كلام الله تجعل الملائكة حرساً لك، وتطرد الشياطين من المنازل والأماكن، وتكفيك من كل شيء. - أوراد وأذكار بعضها من كنوز الجنة، تشفي العلل والأمراض والهموم، وأخرى تحمي من كل ضرر، وتمنع من مباغتة البلاء، وأخرى تكفي من همِّ الدنيا والآخرة. - تعوذات بالله وكلماته مضادة لسُم العقارب ومحصنة للأمكنة والدور من الشرور. - أدعية متنوعة تحصينها مضاعف، وأخرى أجورها عظيمة، ودعاء يحفظ أموالك وأولادك ومتاعك من السرقة والتعدي! - دعوات تدعو بها للرسول - صلى الله عليه وسلم - تدرك بها شفاعته، وينال بها المسلم كفاية همه، ومغفرة ذنبه. • صلاة الفجر في جماعة: صلاة التحصين من شياطين الجن و الإنس. • الأذكار المختارة من الآيات والأحاديث الصحيحة، التي تقال في اليوم والليلة: متى تقال؟ وكم مرة تقال؟ وما أثرها وفضلها؟

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/230422

    التحميل:

  • تذكرة المُؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي

    تذكِرةُ المُؤتَسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذا شرحٌ مُبسَّط، وبيانٌ مُيسَّر لكتاب الحافظ أبي محمد تقيِّ الدين عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي الجمَّاعيلي الصالحي - رحمه الله -، الذي ألَّفه في بيان المعتقد الحق: معتقد أهل السنة والجماعة».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344686

    التحميل:

  • من الإعجاز الطبي في السنة المطهرة تداعي الجسد للإصابة والمرضِ

    من الإعجاز الطبي في السنة المطهرة تداعي الجسد للإصابة والمرضِ : بحث كتبه د. ماهر محمد سالم.

    الناشر: الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة http://www.eajaz.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193684

    التحميل:

  • عثرات الطريق

    عثرات الطريق : فإن الطريق إلى الدار الآخرة طويلة وشاقة.. لا تخلو من عثرة وغفلة.. ومن تأخر وزلة.. ولكل مسلم ومسلمة عثرة يعقبها استغفار وتوبة ورجوع وأوبة.. من عثرات الطريق إهمال الطاعات وإضاعة النوافل وإتيان المحرمات والمكروهات.. وعلم على ذلك.. إضاعة الأعمار والأوقات. والعثرات قلت أو كثرت تكون هاوية يصعب صعودها والخروج منها على من لم يتجهز ويستعد ويستنفد الوسع.. وربما تكون هذه العثرات فاتحة خير وطريق توبة.. وبداية انطلاقة للوصول إلى النهاية.. هناك حيث تغرب شمس الدنيا ويبدأ إشراق الآخرة.. في جنات عدن وروح وريحان. وفي هذه الرسالة بيان بعض العثرات مع كيفية علاجها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/228771

    التحميل:

  • صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

    صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: ما من عبادة إلا ولها صفة وكيفية; قد تكفل الله - سبحانه - ببيانها; أو بينها رسوله - صلى الله عليه وسلم -; وقد حجَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد هجرته إلى المدينة حجة واحدة; وهي التي سميت بـحجة الوداع; لأنه ودع فيها الناس; وفي هذه الحجة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - للأمة مناسك الحج; فقال - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا عنّي مناسككم»; وفي هذا الكتاب بيان لصفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316728

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة