تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 40

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) (البقرة) mp3
يَقُول تَعَالَى آمِرًا بَنِي إِسْرَائِيل بِالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَام وَمُتَابَعَة مُحَمَّد عَلَيْهِ مِنْ اللَّه أَفْضَل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمُهَيِّجًا لَهُمْ بِذِكْرِ أَبِيهِمْ إِسْرَائِيل وَهُوَ نَبِيّ اللَّه يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام وَتَقْدِيره يَا بَنِي الْعَبْد الصَّالِح الْمُطِيع لِلَّهِ كُونُوا مِثْل أَبِيكُمْ فِي مُتَابَعَة الْحَقّ كَمَا تَقُول يَا اِبْن الْكَرِيم اِفْعَلْ كَذَا يَا اِبْن الشُّجَاع بَارِز الْأَبْطَال يَا اِبْن الْعَالِم اُطْلُبْ الْعِلْم وَنَحْو ذَلِكَ . وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى " ذُرِّيَّة مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا " فَإِسْرَائِيل هُوَ يَعْقُوب بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَهْرَام عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس قَالَ حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنْ الْيَهُود نَبِيَّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ " هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيل يَعْقُوب ؟ " قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اللَّهُمَّ اِشْهَدْ " وَقَالَ الْأَعْمَش عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَجَاء عَنْ عُمَيْر مَوْلَى اِبْن عَبَّاس عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس أَنَّ إِسْرَائِيل كَقَوْلِك عَبْد اللَّه وَقَوْله تَعَالَى " اُذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيْكُمْ" قَالَ مُجَاهِد نِعْمَة اللَّه الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِمْ فِيمَا سَمَّى وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ أَنْ فَجَّرَ لَهُمْ الْحَجَر وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ الْمَنّ وَالسَّلْوَى وَنَجَّاهُمْ مِنْ عُبُودِيَّة آل فِرْعَوْن وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة : نِعْمَته أَنْ جَعَلَ مِنْهُمْ الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل أَوْ نَزَّلَ عَلَيْهِمْ الْكُتُب قُلْت وَهَذَا كَقَوْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَهُمْ يَا قَوْم اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاء وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ يَعْنِي فِي زَمَانهمْ . وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق : حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة أَوْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " اُذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيْكُمْ " أَيْ بَلَائِي عِنْدكُمْ وَعِنْد آبَائِكُمْ لَمَّا كَانَ نَجَّاهُمْ مِنْ فِرْعَوْن وَقَوْمه " وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ " قَالَ بِعَهْدِي الَّذِي أَخَذْت فِي أَعْنَاقكُمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَكُمْ أُنْجِز لَكُمْ مَا وَعَدْتُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ تَصْدِيقه وَاتِّبَاعه بِوَضْعِ مَا كَانَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْآصَار وَالْأَغْلَال الَّتِي كَانَتْ فِي أَعْنَاقكُمْ بِذُنُوبِكُمْ الَّتِي كَانَتْ مِنْ إِحْدَاثكُمْ . وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ هُوَ قَوْله تَعَالَى " وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّه مِيثَاق بَنِي إِسْرَائِيل وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اِثْنَيْ عَشْر نَقِيبًا وَقَالَ اللَّه إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمْ الصَّلَاة وَآتَيْتُمْ الزَّكَاة وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمْ اللَّه قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُم جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار " الْآيَة وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ الَّذِي أَخَذَ اللَّه عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاة أَنَّهُ سَيَبْعَثُ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيل نَبِيًّا عَظِيمًا يُطِيعهُ جَمِيع الشُّعُوب وَالْمُرَاد بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ اِتَّبَعَهُ غَفَرَ اللَّه لَهُ ذَنْبه وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّة وَجَعَلَ لَهُ أَجْرَيْنِ. وَقَدْ أَوْرَدَ الرَّازِيّ بِشَارَات كَثِيرَة عَنْ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة " وَأَوْفُوا بِعَهْدِي " قَالَ عَهْده إِلَى عِبَاده دِين الْإِسْلَام وَأَنْ يَتَّبِعُوهُ . وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس : أُوفِ بِعَهْدِكُمْ قَالَ أَرْض عَنْكُمْ وَأُدْخِلكُمْ الْجَنَّة وَكَذَا قَالَ السُّدِّيّ وَالضَّحَّاك وَأَبُو الْعَالِيَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَقَوْله تَعَالَى " وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ" أَيْ فَاخْشَوْنِ قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَة وَالسُّدِّيّ وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَقَتَادَة . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ " أَيْ إِنْ نَزَلَ بِكُمْ مَا أَنْزَلْت بِمَنْ كَانَ قَبْلكُمْ مِنْ آبَائِكُمْ مِنْ النِّقْمَات الَّتِي قَدْ عَرَفْتُمْ مِنْ الْمَسْخ وَغَيْره وَهَذَا اِنْتِقَال مِنْ التَّرْغِيب إِلَى التَّرْهِيب فَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى الْحَقّ وَاتِّبَاع الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِاتِّعَاظ بِالْقُرْآنِ وَزَوَاجِره وَامْتِثَال أَوَامِره وَتَصْدِيق أَخْبَاره وَاَللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • من أحكام المريض وآدابه

    في هذه الرسالة بين بعض أحكام المريض وآدابه.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209196

    التحميل:

  • هل من مشمر؟

    هل من مشمر؟: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن الطريق إلى الدار الآخرة طويلة شاقة.. يعتريها بعض الكسل والفتور والإعراض والنفور.. وقد جمعت بعض مداخل ومسالك تعين السائر في الطريق وتحث الراكب على المسير.. ولم أكتبها ليعرفها القارئ، ويطلع عليها فحسب، أو ليتذوقها، ويتمتع بالأسلوب والطرح فيها.. فهذا لا يعذر به. ولكني كتبتها تذكيرًا وتنبيهًا.. وحثًّا وتيسيرًا».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229616

    التحميل:

  • الإسراء والمعراج وذكر أحاديثهما وتخريجها وبيان صحيحها من سقيمها

    الإسراء والمعراج وذكر أحاديثهما وتخريجها وبيان صحيحها من سقيمها: رسالة قيمة في الإسراء والمعراج، وذكر أحاديثهما، وتخريجها، وبيان صحيحها من سقيمها على طريقة المحدثين، وذلك بذكر طرق الحديث رواية ودراية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2083

    التحميل:

  • النحو الواضح في قواعد اللغة العربية

    النحو الواضح في قواعد اللغة العربية: قال المؤلفان: « .. وقد نحونا في هذا الكتاب طريقة الاستنباط التي هي أكثر طرق التعليم قربًا إلى عقول الأطفال، وأثبتها أثرًا في نفوسهم، وأقربها إلى المنطق؛ لأنها خيرُ دافعٍ إلى التفكير والبحث، وتعرّف وجوه المُشابهة والمُخالفة بين الأشباه والأضداد؛ فقد أكثرنا من الأمثلة التي تستنبط منها القواعد، على طرازٍ حديثٍ لم يسبق له مثال .. ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/371026

    التحميل:

  • التعليقات السنية على العقيدة الواسطية

    العقيدة الواسطية : رسالة نفيسة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر فيها جمهور مسائل أصول الدين، ومنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي التي يعتمدون عليها في العقائد؛ لذا احتلت مكانة كبيرة بين علماء أهل السنة وطلبة العلم، لما لها من مميزات عدة من حيث اختصار ألفاظها ودقة معانيها وسهولة أسلوبها، وأيضاً ما تميزت به من جمع أدلة أصول الدين العقلية والنقلية؛ لذلك حرص العلماء وطلبة العلم على شرحها وبيان معانيها، ومن هذه الشروح شرح فضيلة الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2568

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة