تفسير ابن كثر - سورة العنكبوت - الآية 48

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) (العنكبوت) mp3
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " وَمَا كُنْت تَتْلُو مِنْ قَبْله مِنْ كِتَاب وَلَا تَخُطّهُ بِيَمِينِك " أَيْ قَدْ لَبِثْت فِي قَوْمك يَا مُحَمَّد مِنْ قَبْل أَنْ تَأْتِي بِهَذَا الْقُرْآن عُمْرًا لَا تَقْرَأ كِتَابًا وَلَا تُحْسِن الْكِتَابَة بَلْ كُلّ أَحَد مِنْ قَوْمك وَغَيْرهمْ يَعْرِف أَنَّك رَجُل أُمِّيّ لَا تَقْرَأ وَلَا تَكْتُب وَهَكَذَا صِفَته فِي الْكُتُب الْمُتَقَدِّمَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُول النَّبِيّ الْأُمِّيّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدهمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل يَأْمُرهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنْكَر " الْآيَة وَهَكَذَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِمًا إِلَى يَوْم الدِّين لَا يُحْسِن الْكِتَابَة وَلَا يَخُطّ سَطْرًا وَلَا حَرْفًا بِيَدِهِ بَلْ كَانَ لَهُ كِتَاب يَكْتُبُونَ بَيْن يَده الْوَحْي وَالرَّسَائِل إِلَى الْأَقَالِيم . وَمَنْ زَعَمَ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاء كَالْقَاضِي أَبِي الْوَلِيد الْبَاجِيّ وَمَنْ تَابَعَهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام كَتَبَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة : هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه فَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَة فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ : ثُمَّ أَخَذَ فَكَتَبَ . وَهَذِهِ مَحْمُولَة عَلَى الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ثُمَّ أَمَرَ فَكُتِبَ . وَلِهَذَا اِشْتَدَّ النَّكِير مِنْ فُقَهَاء الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب عَلَى مَنْ قَالَ يَقُول الْبَاجِيّ وَتَبَرَّءُوا مِنْهُ وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا وَخَطَبُوا بِهِ فِي مَحَافِلهمْ . وَإِنَّمَا أَرَادَ الرَّجُل - أَعْنِي الْبَاجِيّ - فِيمَا يَظْهَر عَنْهُ أَنَّهُ كَتَبَ ذَلِكَ عَلَى وَجْه الْمُعْجِزَة لَا أَنَّهُ كَانَ يُحْسِن الْكِتَابَة كَمَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِخْبَارًا عَنْ الدَّجَّال " مَكْتُوب بَيْن عَيْنَيْهِ كَافِر " وَفِي رِوَايَة " ك ف ر يَقْرَؤُهَا كُلّ مُؤْمِن" وَمَا أَوْرَدَهُ بَعْضهمْ مِنْ الْحَدِيث أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَعَلَّمَ الْكِتَابَة فَضَعِيف لَا أَصْل لَهُ قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَمَا كُنْت تَتْلُو " أَيْ تَقْرَأ" مِنْ قَبْله مِنْ كِتَاب " لِتَأْكِيدِ النَّفْي " وَلَا تَخُطّهُ بِيَمِينِك " تَأْكِيد أَيْضًا وَخَرَجَ مَخْرَج الْغَالِب كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَلَا طَائِر يَطِير بِجَنَاحَيْهِ " وَقَوْله تَعَالَى " إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ " أَيْ لَوْ كُنْت تُحْسِنهَا لَارْتَابَ بَعْض الْجَهَلَة مِنْ النَّاس فَيَقُول إِنَّمَا تَعَلَّمَ هَذَا مِنْ كُتُب قَبْله مَأْثُورَة عَنْ الْأَنْبِيَاء مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ مَعَ عِلْمهمْ بِأَنَّهُ أُمِّيّ لَا يُحْسِن الْكِتَابَة " وَقَالُوا أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ اِكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَة وَأَصِيلًا " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • قطوف من الشمائل المحمدية والأخلاق النبوية والآداب الإسلامية

    كتاب مختصر يحتوي على قطوف من الشمائل المحمدية، حيث بين المصنف بعض أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وآدابه، وتواضعه، وحلمه، وشجاعته، وكرمه ... إلخ من الأمور التي ينبغي أن يحرص كل مسلم أن يعرفها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد حرصنا على توفير نسخة مصورة من الكتاب؛ حتى يسهل طباعتها ونشرها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/57659

    التحميل:

  • أقوال وحكم خالدة من أفواه السلف الصالح

    أقوال وحكم خالدة من أفواه السلف الصالح: أقوال وحِكَم وفوائد مأخوذة من كلام سلفنا الصالح - رحمهم الله تعالى - مُنتقاة من كتبهم أو من نقل عنهم؛ وذلك لنشر فضائلهم وذكر مآثرهم، وقد تُرِك للقارئ وحده استخلاص العبر والدروس من هذه الأقوال والحِكَم؛ ليستعين بها في استقامته على هذا الدين، ويقيم بها قلبَه وعقلَه معًا على أسس رصينة.

    الناشر: دار الوطن http://www.madaralwatan.com - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339952

    التحميل:

  • قيام الليل في ضوء الكتاب والسنة

    قيام الليل في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنِّف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «قيام الليل» أوضحت فيها: مفهوم التهجد، وفضل قيام الليل، وأفضل أوقاته، وعدد ركعاته، وآداب قيام الليل، والأسباب المعينة عليه، وبيّنت مفهوم صلاة التراويح، وحكمها، وفضلها، ووقتها، وعدد ركعاتها، ومشروعية الجماعة فيها، ثم أوضحت الوتر، وحكمه، وفضله، ووقته، وأنواعه، وعدده، والقراءة فيه، والقنوت في الوتر، والدعاء بعد السلام من الوتر، وأن الوتر من صلاة الليل وهو آخره، وحكم قضاء سنة الوتر لمن نام عنها أونسيها، وكل مسألة قرنتها بدليلها».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1919

    التحميل:

  • فقر المشاعر

    فقر المشاعر : هذه صفحات حول ظاهرة تحتاج إلى بسط، وإلقاء ضوء، وعلاج، تلكم هي ظاهرة فقر المشاعر. هذه الظاهرة التي عمت، وكثرت الشكوى منها، وصارت من ضمن مايبحث فيه المصلحون، ويسعون إلى علاجه.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172592

    التحميل:

  • فتح المجيد شرح كتاب التوحيد

    كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - كتاب عظيم النفع في بابه، بين فيه التوحيد وفضله، وما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر والبدع؛ لذلك حرص العلماء على شرحه، ومن هذه الشروح كتاب فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ - رحمه الله -.

    المدقق/المراجع: الوليد بن عبد الرحمن الفريان

    الناشر: دار المؤيد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2426

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة