تفسير ابن كثر - سورة الأعراف - الآية 11

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) (الأعراف) mp3
يُنَبِّه تَعَالَى بَنِي آدَم فِي هَذَا الْمَقَام عَلَى شَرَف أَبِيهِمْ آدَم وَيُبَيِّن لَهُمْ عَدَاوَة عَدُوّهُمْ إِبْلِيس وَمَا هُوَ مُنْطَوٍ عَلَيْهِ مِنْ الْحَسَد لَهُمْ وَلِأَبِيهِمْ آدَم لِيَحْذَرُوهُ وَلَا يَتَّبِعُوا طَرَائِقه فَقَالَ تَعَالَى " وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَم فَسَجَدُوا" وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَإِذْ قَالَ رَبّك لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِق بَشَرًا مِنْ صَلْصَال مِنْ حَمَإ مَسْنُون فَإِذَا سَوَّيْته وَنَفَخْت فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ " وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام بِيَدِهِ مِنْ طِين لَازِب وَصَوَّرَهُ بَشَرًا سَوِيًّا وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحه أَمَرَ الْمَلَائِكَة بِالسُّجُودِ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِ اللَّه تَعَالَى وَجَلَاله فَسَمِعُوا كُلّهمْ وَأَطَاعُوا إِلَّا إِبْلِيس لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى إِبْلِيس فِي أَوَّل سُورَة الْبَقَرَة . وَهَذَا الَّذِي قَرَّرْنَاهُ هُوَ اِخْتِيَار اِبْن جَرِير أَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ كُلّه آدَم عَلَيْهِ السَّلَام . وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ الْأَعْمَش عَنْ مِنْهَال بْن عَمْرو عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ " قَالَ خُلِقُوا فِي أَصْلَاب الرِّجَال وَصُوِّرُوا فِي أَرْحَام النِّسَاء . رَوَاهُ الْحَاكِم . وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرْطهمَا وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَنَقَلَ اِبْن جَرِير عَنْ بَعْض السَّلَف أَيْضًا أَنَّ الْمُرَاد بِخَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ الذُّرِّيَّة. وَقَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس وَالسُّدِّيّ وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك فِي هَذِهِ الْآيَة " وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ " أَيْ خَلَقْنَا آدَم ثُمَّ صَوَّرْنَا الذُّرِّيَّة وَهَذَا فِيهِ نَظَر لِأَنَّهُ قَالَ بَعْده " ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَم " فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ آدَم وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ بِالْجَمْعِ لِأَنَّهُ أَبُو الْبَشَر كَمَا يَقُول اللَّه تَعَالَى لِبَنِي إِسْرَائِيل الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمْ الْغَمَام وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ الْمَنّ وَالسَّلْوَى " وَالْمُرَاد بِالْآبَاءِ آبَاؤُهُمْ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَن مُوسَى وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ مِنَّة عَلَى الْآبَاء الَّذِينَ هُمْ أَصْل صَارَ كَأَنَّهُ وَاقِع عَلَى الْأَبْنَاء وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْله " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان مِنْ سُلَالَة مِنْ طِين " الْآيَة . فَإِنَّ الْمُرَاد مِنْهُ آدَم الْمَخْلُوق مِنْ السُّلَالَة وَذُرِّيَّته مَخْلُوقُونَ مِنْ نُطْفَة وَصَحَّ هَذَا لِأَنَّ الْمُرَاد مِنْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان الْجِنْس لَا مُعَيَّنًا وَاَللَّه أَعْلَم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مفتاح دعوة الرسل

    مفتاح دعوة الرسل: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن تربية النفوس وتزكيتها أمر مهم غفل عنه أمة من الناس، ومع انتشار الخير وكثرة من يسلك طريق الاستقامة إلا أن البعض يروم الصواب ولا يجده وينشد الجادة ويتيه عنها، وقد انبرى لهم الشيطان فاتخذ هؤلاء مطية ومركبًا يسير بهم في لجة الرياء والسمعة والعجب. ولخطورة الأمر وعظمه وردت الجم وأدليت بدلوي ونزعت نزعًا لا أدعي كماله وحسبي منه اجتهاد مقصر ومحبة الخير لي وللمسلمين. وهذا هو الجزء «السابع عشر» من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟!» تحت عنوان: «مفتاح دعوة الرسل»».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229615

    التحميل:

  • فن التدبر في القرآن الكريم

    فن التدبر في القرآن الكريم: قال المُصنِّف: «رسالة "فن التدبر"، وهي الرسالة الأولى ضمن مشروع (تقريب فهم القرآن)، كتبتها لعموم المسلمين، لكل قارئ للقرآن يلتمس منه الحياة والهداية، والعلم والنور، والانشراح والسعادةَ، والمفاز في الدنيا والآخرة، وهي تُمثِّل (المستوى الأول) لمن أراد أن يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وقد توخيتُ فيها الوضوح ما استطعت إلى ذلك سبيلاً».

    الناشر: مركز التدبر للاستشارات التربوية والتعليمية http://tadabbor.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/313614

    التحميل:

  • رؤية استراتيجية في القضية الفلسطينية

    رؤية استراتيجية في القضية الفلسطينية: قال الشيخ - حفظه الله - في مقدمة الرسالة: «يعيش إخواننا في فلسطين هذه الأيام مرحلة عصيبة من تاريخهم، فالاستكبار اليهودي قد بلغ أوجّه، وكشف شارون عن وجه بني صهيون الحقيقي، فالقتل، والتشريد وهدم المنازل والحصار الاقتصادي الرهيب، وخامسة الأثافي: الخذلان المخزي من لدن المسلمين عامة والعرب خاصة لإخوانهم في فلسطين، كل هذه الأحوال تطرح سؤالاً مهمًّا؟ هل لهذا الأمر من نهاية؟ وهل لهذه البليَّة من كاشفة؟ ويتحدَّد السؤال أكثر: أين المخرج؟ وما هو السبيل؟ وبخاصة وقد بلغ اليأس مبلغه في نفوس كثير من المسلمين وبالأخصّ إخواننا في فلسطين، وأصبح التشاؤم نظرية يُروِّج لها البعض، مما زاد النفوس إحباطًا، والهمم فتورًا».

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337575

    التحميل:

  • انتصار الحق

    انتصار الحق: رسالة صغيرة عبارة عن محاورة هادفة حصلت بين رجلين كانا متصاحبين رفيقين يدينان بدين الحق، ويشتغلان في طلب العلم فغاب أحدهما مدة طويلة، ثم التقيا فإذا الغائب قد تغيرت أحواله وتبدلت أخلاقه، فسأله صاحبه عن سبب ذلك فإذا هو قد تغلبت عليه دعاية الملحدين الذين يدعون لنبذ الدين ورفض ما جاء به المرسلون.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2161

    التحميل:

  • وبشر الصابرين

    وبشر الصابرين: قال المُصنِّف - حفظه الله -: «هذه ورقات من دفتر الصبر، ونفحات من سجل الشكر، وومضات من ضياء الاحتساب، وحروف من ألَقِ الصابرين، وقصص الشاكرين، أزُفُّها إلى كل مسلم رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا، فإن الصبر درعٌ لكل مسلم، ووقاءٌ لكل مؤمنٍ، وملاذٌ - بعد الله - لكل مُوحِّد. أبعثُها إلى كل من ابتُلِي ببلاء، أو تعرَّضَ لعناء، أو مرَّ به شَقَاء، فإن الصبرَ سلوةٌ له في الدنيا، ورفعةٌ له في الآخرة... أُقدِّمها إلى كل أبٍ احترق فؤاده، وتمزَّق قلبه، وجزَعَت نفسه لغيابٍ لقُرَّة العين، أو فقدٍ لأحد المحبين، فإن له في ربه عزاء، وفي مولاه رجاء، وفي صبره ضياء. إلى كل أمٍّ تنام الأعين ولا تنام، ويضحك الناس وتبكي، وتهدأ القلوب ولا يهدأ قلبها ولا يسكن حزنها، إما لنازلةٍ مؤلمةٍ، أو قارعةٍ مُزعجةٍ، أو فاجعةٍ مُحزِنةٍ، أو غيبةٍ لثمرة الفؤاد، ونور العين، وجلاء الحزن، أو أسرٍ لفلذة الكبد، أو قتل لعنوان السعادة، فإن الصبر والاحتساب يضمن اللقاء بالغائب، والاجتماع بالأحبة، والأنس بثمرات الأكباد، حينما يُوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب، إنه لقاءٌ في جنَّاتٍ ونهر، في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مُقتدِر».

    الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت http://islam.gov.kw/cms

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/381059

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة